فهرس الكتاب
الصفحة 42 من 335

2 -وتكرر في القرآن اقتران"الغني الحميد"، قال تعالى: (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [لقمان: 26] ، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فاطر: 15] ، وقال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) [لقمان: 12] ، والغنى صفةُ كمالٍ، والحمد صفة كمال كذلك، واجتماع الغنى مع الحمد كمالٌ آخر، فله ثناءٌ من غناه، وثناءٌ من حمده، وثناء من اجتماعهما، فمثلاً: من شكر الله على نعمائه وحمده سبحانه على فضله وعطائه فإنه سبحانه أهل الحمد والثناء، له الحمد كلُّه في الأولى والآخرة، وحمد الحامدين وشكر الشاكرين لا يزيد مُلكه شيئاً؛ لأنه سبحانه الغنيُّ فلا تنفعه طاعةُ من أطاع، ولا تضره معصيةُ من عصى (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [الأنعام: 96] .

3 -وتكرَّر في سورة الشعراء ختمُ قصصِ الأنبياء مع أممهم بقوله: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الشعراء: 9] ، وفيه دلالةٌ أنَّ ما قدَّره الله لأنبيائه من النصر والتأييد والرفعة ه من آثار رحمته التي اختصهم بها، فكان لهم حافظاً ومؤيداً وناصراً ومعيناً، وما قدَّره لأعدائهم من الخذلان والحرمان والعقوبة والنكال من آثار عزَّتِه، فنَصَر رُسلَه برحمته، وانتقم من أعدائهم وخذَلهم بعزَّته، فكان ذكرُ الاسمين مقرونين في هذا السياق في غاية الحكمة والمناسبة.

4 -وتكرَّر في القرآن الجمع بين"العزيز العليم"، وذلك في سياق ذكره سبحانه للأجرام العُلويَّة وما تضمنته من فلق الإصباح وجعل الليل سكناً وإجراء الشمس والقمر بحساب لا يَعدوانه، وتزيين السماء الدنيا بالنجوم وحراستها، كقوله تعالى: (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [الأنعام: 96] ، وقوله: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [يس: 38] ، وقوله تعالى: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 12] ، فأفاد هذا الختم المشتمل على الجمع بين هذين الاسمين أن هذا التقدير المحكم المتقن صادر عن عِزَّةِ الله وعلمه، ليس أمراً اتِّفاقياً لا يمدح به فاعله ولا يثنى عليه به كسائر الأمور الاتِّفاقيَّة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام