فهرس الكتاب
الصفحة 329 من 335

قال ابن القيِّم رحمه الله في أثناء كلام له عن اسمي الحميد المجيد، وأنهما إليهما يرجع الكمال كله:"وأما المجد فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال ... ، والحمد يدل على صفات الإكرام، والله سبحانه ذو الجلال والإكرام، وهذا معنى قول العبد: لا إله إلا الله، والله أكبر، فلا إله إلا الله دالٌّ على ألوهيته وتفرده فيها، فألوهيته تستلزم محبته التامة، والله أكبر دال على مجده وعظمته، وذلك يستلزم تمجيده وتعظيمه وتكبيره، ولهذا يقرن سبحانه بين هذين النوعين في القرآن كثيراً" (1) .

فالجلال يتضمن التعظيم، والإكرام يتضمن الحمد والمحبة.

قال الخطابي رحمه الله في بيان المعاني التي يحتملها هذا الاسم:"والمعنى: أن الله جل وعز وستحقٌ أن يُجِل ويكرَم فلا يجحد ولا يكفر به، وقد يحتمل أن يكون المعنى: أن يُكرِم أهل ولايته ويرفع درجاتهم بالتوفيق لطاعته في الدنيا، ويُجلُّهُم بأن يتقبل أعمالهم ويرفع في الجنان درجاتهم، وقد يحتمل أن يكون أحد الأمرين - وهو الجلال - مضافاً إلى الله سبحانه بمعنى الصفة له، والآخر مضافاً إلى العابد بمعنى الفعل منه، كقوله سبحانه: (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) [المدثر: 56] ، فانصرف أحد الأمرين، وهو المغفرة إلى الله سبحانه، والآخر إلى العباد، وهو التقوى" (2) .

نقل هذه الاحتمالات الثلاثة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ثم قال: القول الأول أقربها إلى المراد ... ثم قال: وإذا كان مستحقاً للإجلال والإكرام لزم أن يكون متصفاً في نفسه بما يوجب ذلك، كما إذا قال: الإله هو المستحق لأنه يؤله، أي: يُعبد؛ كان هو في نفسه مستحقاً لما يوجب ذلك، وإذا قيل: هو أهل التقوى؛ كان هو في نفسه متصفاً بما يوجب أن يكون هو المتقي.

(1) "جلاء الأفهام" (ص/216 - 217) .

(2) "شأن الدعاء" (ص/91 - 92) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام