فهرس الكتاب
الصفحة 330 من 335

ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع بعدما يقول:"ربنا ولك الحمد":"ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلُّنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" (1) ، أي: هو مستحقٌّ لأن يثني عليه وتمجَّد نفسُه.

والعباد لا يحصون ثناء عليه، وهو كما أثنى على نفسه، كذلك هو أهل أن يجل وأن يكرم، وهو سبحانه يجلُّ نفسه ويكرم نفسه، والعباد لا يحصون إجلاله وإكرامه.

والإجلال من جنس التعظيم، والإكرام من جنس الحب والحمد، وهذا كقوله: (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) [التغابن: 1] ، فله الإجلال والملك، وله الإكرام والحمد ... ثم قال: قوله: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن: 27] ، وقوله: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن: 78] ، وهو في مصحف أهل الشام:"تبارك اسم ربك ذو الجلال والإكرام"، وهي قراءة ابن عامر، فالاسم نفسه يُذوَّى بالجلال والإكرام، وفي سائر المصاحف وفي قراءة الجمهور: (ذِي الْجَلالِ) ، فيكون المسمى نفسه، وفي الأولى (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) فالمذوَّى وجهه سبحانه، وذلك يستلزم أنه هو ذو الجلال والإكرام، فإنه إذا كان وجهه ذا الجلال والإكرام كان هذا تنبيهاً (2) كما أن اسمه إذا كان ذا الجلال والإكرام كان تنبيهاً على المسمى. وهذا يبين أن المراد أنه يستحق أن يُجل ويُكرم .." (3) ."

(1) رواه مسلم (رقم: 477) .

(2) كذا، ولعله"كان هذا تنبيهاً على أنه ذو الجلال والإكرام".

(3) "مجموع الفتاوى" (16/ 317 - 322) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام