ومكملاته، وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يكرمهم به في الآخرة؛ فهو جزاء توحيده، وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحلُّ بهم في العقبى من العذاب؛ فهو خبرٌ عمن خرج عن حكم التوحيد، فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم (1) .
وقد بين الله في القرآن الكريم أن المتخذين شفعاء مشركون به، وأنهم لا يملكون لعابديهم شيئاً من الخير والنفع، قال الله تعالى: (أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ) [الزمر: 43] ، وقال تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [يونس: 18] .
فمتخذ الشفيع مشركٌ لا تنفع شفاعته ولا يشفع له، ومتخذ الرب وحده إلهه ومعبوده ومحبوبه ومرجوه ومخوفه الذي يتقرب إليه وحده، ويطلب رضاه، ويتباعد عن سخطه سبحانه مؤمنٌ موحِّد، له العاقبة الحميدة والسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.
فالوتر في أسماء الله فيه الدلالة على وحدانية الله ووجوب توحيده وإفراده وحده بالعبادة، وحبه سبحانه للوتر إنما هو في حق من يعبد الله بالوحدانية والإخلاص ونبذ الشريك والند.
إضافة إلى أنه ينتظم في معناه حبه سبحانه لكل وتر شرعه، حيث أمر بالوتر في كثير من الأعمال والطاعات، كما في الصلوات الخمس، ووتر الليل، وأعداد الطهارة، وتكفين الميِّت، ونحو ذلك، لما رواه الإمام أحمد، وأهل"السنن"وصححه
(1) "مدارج السالكين" (3/ 450) .