فهرس الكتاب
الصفحة 317 من 335

قال تعالى: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) [الكهف: 58] ، وقال تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) [النحل: 61] .

فبيّن سبحانه أنه لو يؤاخذ الناس بما كسبوا من الذنوب كالكفر والمعاصي لعجل لهم العذاب لشناعة ما يرتكبونه، ولكنه حليم رفيق لا يعجل بالعقوبة بل يمهل ولا يهمل.

ومن رفقه سبحانه أن دينه كله رفق ويسر ورحمة، وأمر عباده بالرفق، ويعطيهم على الرفق ما لا يعطي على الشدة، ولا يكون في شيء من الأمور إلا زانه، ومن حرمه حرم الخير، ولذا ينبغي على كل مسلم أن يكون رفيقاً في أموره كلها، وأحواله جميعها، بعيداً عن العجلة والتسرع والتهور والاندفاع، فإن العجلة من الشيطان، ولا يبوء صاحبها إلا بالخيبة والخسران، وكفى بالرفق نبلاً وفضلاً أنه حبيب للرحمن، فهو سبحانه رفيق يحب الرفق.

وقد جاءت السنة النبوية بالحث على الرفق في الأمور كلها، ففي"صحيح مسلم" (1) عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه".

وفيه (2) عن جرير رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من يُحرم الرفق يُحرم الخير"، وفي"المسند" (3) عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنه من أعطى حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار".

(1) (رقم: 2594) .

(2) (رقم: 2592) .

(3) (6/ 159) بإسناد صحيح. انظر:"السلسلة الصحيحة" (رقم: 519) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام