وأفضل مطلوب، وأحكامه وآدابه أطيب الأحكام وأطيب الآداب، بها صلاح الدِّين والدنيا والآخرة، وبفواتها يفوت الصلاح كله.
وقد قسم الله تعالى الكلام إلى طيب وخبيث فقال: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) [إبراهيم: 24] ، (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) [إبراهيم: 26] ، وقال تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) [فاطر: 10] ، ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث، ووصف المؤمنين بالطيب بقوله تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) [النحل: 32] ، وإن الملائكة تقول عند الموت"اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب"رواه أحمد وابن ماجه (1) ، وإن الملائكة تسلم عليهم عند دخول الجنة ويقولون لهم: (طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) [الزمر: 73] .
وقد ورد في الحديث أن المؤمن إذا زار أخاً له في الله تقول له الملائكة:"طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا"رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم (2) . فالمؤمن كله طيب، قلبه ولسانه وجسده، بما سكن في قلبه من الإيمان وظهر على لسانه من الذِّكر، وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التي هي ثمرة الإيمان وداخلة في اسمه.
ولما طاب المؤمن في هذه الدار في عقائده وأعماله وأقواله أكرمه الله في دار القرار بدخول دار الطيبين التي لا يدخلها إلا طيب، قال سبحانه: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [النحل: 32] ، وقال تعالى:
(1) "المسند" (2/ 364) ، و"سنن ابن ماجه" (رقم: 4262) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وإسناده صحيح.
(2) "المسند" (2/ 344) ، و"جامع الترمذي" (رقم: 2008) ، و"سنن ابن ماجه" (رقم: 1443) ، و"صحيح ابن حبان" (رقم: 2961) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي إسناده ضعف، ولكن له شواهد يتقوى بها؛ ولذلك حسنه الألباني في"صحيح الترغيب" (3474) .