فهرس الكتاب
الصفحة 286 من 335

(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) [الزمر: 73] ، فعقَّب دخولها على الطيب بحرف الفاء الذي يؤذن بأنه سببٌ للدخول، أي: بسبب طيبكم قيل لكم: ادخلوها.

ومن جاء من أهل الإيمان يوم القيامة يحمل ذنوباً وخطايا وأوزاراً لم يذهب عنه أثرها في هذه الدار بالتوبة والاستغفار فإنه - إذا لم يعف الله عنه - يحبس عن الجنة حتى يتطهر منها، فإن لم يطهِّره الموقف وأهواله وشدائده فلابد من دخول النار ليخرج خبثه فيها، ويتطهر من درنه ووسخه، ثم يخرج منها فيدخل الجنة.

وأما الكفَّار فإنهم ليس لهم يوم القيامة إلا النار خالدين فيها أبد الآباد، فإنها دار الخبث في الأقوال والأعمال والمأكل والمشارب، ودار الخبيثين، قال الله تعالى: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ) [الأنفال: 37] .

فالدُّور يوم القيامة ثلاثة: دار الطيب المحض، وهي لمن جاء بطيب لا يشينه خبثٌ، وهم المؤمنون الكمَّل، ودار الخبث المحض، وهي لمن يأتي بخبث لا طيب فيه، وهم الكفار، ودار لمن معه خبث وطيب، وهم عصاة الموحدين، فهؤلاء إذا دخلوا النار فإنهم لا يخلدون فيها بل يعذبون فيها بقدر أعمالهم، ثم يخرجون منها ويدخلون الجنة، فلا يبقى بعد ذلك إلا داران: دار الطيب المحض، ودار الخبث المحض.

اللهم اجعلنا من عبادك الطيبين الذين يقال لهم يوم القيامة: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) [الأعراف: 49] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام