وإليه يصعد الكلم الطيب، وفعله طيب، والعمل الطيب يعرج إليه، فالطيبات كلها له، ومضافة إليه، صادرة عنه، ومنتهية إليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا".
وفي حديث رقية المريض الذي رواه أبو داود وغيره:"أنت ربُّ الطيبين" (1) ، ولا يجاوره من عباده إلا الطيبون، كما يقال لأهل الجنة: (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) [الزمر: 73] ، وقد حكم سبحانه [في] شرعه وقدره أن الطيبات للطيبين، فإذا كان هو سبحانه الطيب على الإطلاق فالكلمات الطيبات والأفعال الطيبات والصفات الطيبات والأسماء الطيبات كلها له سبحانه لا يستحقها أحد سواه، بل ما طاب شيء قط إلا بطيبته سبحانه، فطيبُ كل ما سواه من آثار طيبته، ولا تصلح هذه التحية الطيبة إلا له"اهـ (2) ."
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم:"إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً"يدل على أن الله سبحانه لا يقبل من الأعمال والأقوال إلا ما كان موصوفاً بالطيب، وهو عامٌّ في جميع الأعمال والأقوال، فلا يعمل المرء المؤمن إلا صالحاً، ولا يقول إلا طيباً، ولا يكتسب إلا طيباً، ولا ينفق إلا من الطيب، فإن الطيب توصف به الأعمال والأقوال والاعتقادات، فكل هذه تنقسم إلى طيب وخبيث، كما قال تعالى: (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) [المائدة: 100] ، والدِّين الحنيف كله دين طيب في عقائده وأحكامه وآدابه، فعقائده التي ترجع إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره هي العقائد الصحيحة التي تطمئن لها القلوب، وتطيب بها النفوس، وتوصل معتقدها والمتمسك بها إلى أجل غاية
(1) رواه أبو داود (رقم: 3892) ، والنسائي في"عمل اليوم والليلة" (رقم: 1046) ، والحاكم (1/ 344) وغيرهم من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. وإسناده ضعيف جداً من أجل زيادة بن محمد الأنصاري، قال فيه البخاري والنسائي وأبو حاتم:"منكر الحديث"، وقال ابن عدي:"لا أعلم له إلا حديثين أو ثلاثة ومقدار ما له لا يتابع عليه". انظر"تهذيب الكمال" (9/ 534) . وانظر:"ضعيف الترغيب"للألباني (رقم: 2013) .
(2) "كتاب الصلاة وحكم تاركها"لابن القيم (ص/182 - 183) .