فهرس الكتاب
الصفحة 273 من 335

وهو أشرف الدين وأرفع مقاماته كما تقدم، ومن الإحسان أيضاً الإحسان إلى عباد الله براً بالوالدين، وصلة للأرحام، ووفاء بالحقوق، وإعانة لذوي الحاجات، وكف الأذى عن الناس، والاجتهاد في إيصال الخير لهم، إلى غير ذلك من الإحسان لعباد الله.

وقد وعد الله على ذلك بالثواب العظيم، قال تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ) ، وقال تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) [يونس: 26] ، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [التوبة: 120] .

ومن ثمار الإحسان العظيمة في الدنيا انشراح صدر المحسن وطيب نفسه وطمأنينة قلبه، ولذا يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في كلام عظيم له عن أسباب شرح الصدر، قال:"ومنها: الإحسان إلى الخلق، ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه، والنفع بالبدن وأنواع الإحسان، فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيقُ الناس صدراً، وأنكدهم عيشاً، وأعظمهم هماً وغماً."

وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في"الصحيح" (1) مثلاً للبخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جُنتان من حديد، كلما هم المتصدق بصدقة اتسعت عليه وانبسطت، حتى يجر ثيابه ويُعفي أثره، وكلما هم البخيل بالصدقة لزمت كل حلقة مكانها، ولم تتسع عليه، فهذا مثلُ انشراح صدر المؤمن المتصدق وانفساح قلبه، ومثلُ ضيق صدر البخيل وانحصار قلبه (2) .

(1) "صحيح البخاري" (رقم: 1443) ، و"صحيح مسلم" (رقم: 1021) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2) "زاد المعاد" (2/ 25 - 26) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام