فهرس الكتاب
الصفحة 272 من 335

وقال ابن القيم رحمه الله:"وإقرار قلوبنا بأن الله الذي لا إله إلا هو ... وأنه حكيم كريم محسن ... ولا أحد أحب إليه الإحسان منه، فهو محسن يحب المحسنين" (1) .

ومعنى اسم الله"المحسن"يرجع إلى الفضل والإنعام والجود والإكرام والمن والعطاء، والإحسانُ وصفٌ لازم له سبحانه، لا يخلو موجود عن إحسانه طرفة عين بالإيجاد والإنعام والإمداد، قال تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ) [السجدة: 7] ، وقال تعالى: (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [التغابن: 3] .

وأعظم الإحسان التوفيق لهاذ الدين وشرح الصدر للزوم طاعة رب العالمين، والتثبيت على الحق والهدى إلى الممات، إلى أن يتوج ذلك بأعظم الكرامة وأجل الإحسان بدخول الجنان يوم القيامة، ورؤية الكريم الرحمن المحسن المنان، نسأله سبحانه من فضله العظيم وإحسانه الجزيل.

ثم إن الله سبحانه يحب من عباده أن يتقربوا إليه بمقتضى معاني أسمائه، فهو الرحمن يحب الرحماء، وهو الكريم يحب الكرماء، محسن يحب المحسنين، قال تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195] ، وقال تعالى: (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) [القصص: 77] ، وقال تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ) [الرحمن: 60] ، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [النحل: 128] .

والإحسان من العبد هو أعلى مقامات الدين وأرفعها كما جاء ذلك في حديث جبريل المشهور عليه السلام، وفسر الإحسان في الحديث بأن يعبد ربه كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله جل وعلا يراه لا يخفى عليه منه شيء، وهذا إحسان في عبادة الله،

(1) "طريق الهجرتين" (ص/120) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام