وقد بيَّن الله سبحانه في القرآن الكريم الأسباب التي نال بها هؤلاء ولاية الله لهم، وتولّيه إياهم بتوفيقه وتسديده وعونه وتأييده، قال تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [يونس: 62 - 64] ، فلا تنال ولاية الله إلا بالإيمان الصادق وتقوى الله في السر والعلانية، والاجتهاد في التقرب إليه بفرائض الإسلام ورغائب الدين.
روى البخاري في"صحيحه" (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله قال: من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليَّ مما افترضتُه عليه، وما يزالُ عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه".
وأفضل أولياء الله هم أنبياؤه، وأفضل أنبيائه هم المرسلون، وأفضل المرسلين هم أولو العزم، وأفضل أولي العزم نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتمُ النبيين، وإمامُ المرسلين، وسيدُ ولد آدم أجمعين، وقد جعله الله الفارق بين أوليائه وبين أعدائه، فلا يكون ولياً لله إلا مَنْ آمن به وبما جاء به، واتبعه ظاهراً وباطناً، ومن ادّعى محبة الله وولايته وهو لم يتبعه فليس من أولياء الله، بل من خالفه كان من أعداء الله وأولياء الشيطان، قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) [آل عمران: 31] ، فبيَّن فيها أنَّ من اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فإنَّ الله يحبه، ومن ادعى محبة الله ولم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فليس من أولياء الله.
وكثيرٌ في الناس مَنْ يظنُّ في نفسه أو في غيره أنه من أولياء الله، وهو في حقيقة الأمر ليس من أوليائه، فاليهود والنصارى يدّعون أنهم أولياء الله وأحباؤه، وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان منهم، ومشركو العرب يدعون أنهم أهل الله لسكناهم مكة ومجاورتهم البيت (وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) [الأنفال: 34] .
(1) (رقم: 6502) .