فهرس الكتاب
الصفحة 128 من 335

ثم إن السمَّع المضاف إلى الله عز وجل ينقسم إلى قسمين:

الأول: سمع يتعلق بالمسموعات، فيكون معناه إدراك الصوت.

والثاني: سمع بمعنى الاستجابة، أي: أنه سبحانه يجيب من دعاه، ومنه قوله: (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) [إبراهيم: 39] ، وقول المصلي:"سمع الله لمن حمده"، أي: أجاب، وليس المراد سمعه مجرد سماع فقط.

والسمع الذي بمعنى إدراك الصوت ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: ما يقصد به التهديد، كقوله تعالى: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ) [الزخرف: 80] ، وقوله: (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ) [آل عمران: 181] .

الثاني: ما يقصد به التأييد، كقوله تعالى لموسى وهارون: (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) [طه: 46] ، أراد سبحانه أن يؤيد موسى وهارون بذكر كونه معهما ويسمع ويرى.

الثالث: ما يقصد به بيان الإحاطة، كقوله: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة: 1] .

وقد أبطل الله في القرآن شرك المشركين بتوجههم إلى أصنام لا تسمع ولا تبصر ولا تغني شيئاً، وبيَّن سبحانه أن المستحق للعبادة هو الله السميع البصير الذي له كمال السمع وكمال البصر، وقد ورد هذا المعنى في مواضع من القرآن الكريم، قال الله تعالى: (وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [غافر: 20] ، وقال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا(41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا) [مريم: 41 - 42] ، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ) [الأعراف: 194 - 195] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام