صغيرة فإنما هو مشرك، وإن كان في الأصل مسلما ثم فعلها فإنما خرج بها من الإسلام إلى الشرك، مهما بقي بعد ذلك يقول أشهد أن لا إله إلا الله بلسانه بينما هو يتلقى من غير الله ويطيع غير الله.
وحين ننظر إلى وجه الأرض اليوم في ضوء هذه التقريرات الحاسمة فإننا نرى الجاهلية والشرك ولا شيء غير الجاهلية والشرك، إلا من عصم الله. اهـ [1]
الدليل الرابع:
قال تعالى {ولا يشرك في حكمه أحدا} [2]
قال الشنقيطي رحمه الله: قرأ هذا الحرف عامة السبعة ماعدا بن عامر {ولا يشرك} بالياء المثناة التحتية وضم الكاف على الخبر ولا نافية، والمعنى: ولا يشرك الله جل وعلا أحدا في حكمه، بل الحكم له وحده جل وعلا لا حكم لغيره البتة، فالحلال ما أحله تعالى، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه، والقضاء ما قضاه، وقرأه ابن عامر من السبعة {ولا تشرك} بضم التاء المثناة الفوقية وسكون الكاف بصيغة النهي، أي لا تشرك يا نبي الله، أو لا تشرك أيها المخاطب أحدا في حكم الله جل وعلا، بل أخلص الحكم لله من شوائب شرك غيره في الحكم.
وحكمه جل وعلا المذكور في قوله {ولا يشرك في حكمه أحدا} شامل لكل ما يقضيه جل وعلا ويدخل في ذلك التشريع دخولا أوليا.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون الحكم لله وحده لا شريك له فيه على كلتا القراءتين جاء مبينا في آيات أخر، كقوله تعالى {إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه} وقوله تعالى {إن الحكم إلا لله عليه توكلت ... ) الآية، وقوله تعالى وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ... ) الآية، وقوله تعالى ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير} وقوله تعالى كل شيء
(1) في ظلال القرآن 1198: 1197.
(2) سورة الكهف، الآية: 26.