فهرس الكتاب
الصفحة 392 من 393

هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون، وقوله تعالى {وله الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون} وقوله {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} وقوله تعالى {أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا} إلى غير ذلك من الآيات.

ويُفهَم من هذه الآيات كقوله {ولا يشرك في حكمه أحدا} أن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرعه الله أنهم مشركون بالله.

وهذا المفهوم جاء مبينا في آيات أخر، كقوله فيمن اتبع تشريع الشيطان في إباحة الميتة بدعوى أنها ذبيحة الله {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} فصرح بأنهم مشركون بطاعتهم.

وهذا الإشراك في الطاعة واتباع التشريع المخالف لما شرعه الله تعالى هو المراد بعبادة الشيطان في قوله تعالى {ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين، وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم} وقوله تعالى عن نبيه إبراهيم {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا} وقوله تعالى {إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا} أي ما يعبدون إلا شيطانا، أي وذلك باتباع تشريعه.

ولذا سمى الله تعالى الذين يطاعون فيما زينوا من المعاصي شركاء في قوله تعالى {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ... } الآية.

وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا لعدي بن حاتم رضي الله عنه لما سأله عن قوله تعالى {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله .... } الآية، فبين له أنهم أحلوا لهم ما حرم الله، وحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم في ذلك، وأن ذلك هو اتخاذهم إياهم أربابا.

ومن أصرح الأدلة في هذا أن الله جل وعلا في سورة النساء بين أن من يريدون أن يتحاكموا إلى غير ما شرعه الله يتعجب من زعمهم أنهم مؤمنون، وما ذلك إلا لأن دعواهم الإيمان مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت بالغة من الكذب ما يحصل منه العجب، وذلك في قوله تعالى ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام