فهرس الكتاب
الصفحة 129 من 393

تقدم في الباب الثاني بيان أن الإيمان عند أهل السنة قول وعمل واعتقاد، وأنه شعب متعددة.

وأن من هذه الشعب ما يكون من أصل الإيمان لا يصح الإيمان إلا بها، ومنها ما يكون من واجباته، ومنها ما يكون من مستحباته، وأن كل هذه الشعب تسمى إيماناً.

وأنه لابد للعبد أن يُحصِّل الشعب التي تدخل في أصول الإيمان حتى يكون قد حقق الإيمان الواجب الذي ينجو به من الخلود في النار في الآخرة.

فإن قَصَّر في بعض الواجبات أو وقع في بعض المحرمات فهو ظالم لنفسه مُعرَّض للوعيد، إن شاء الله عفا عنه وغفر له، وإن شاء عذبه بما كسبت يداه، ولكنه ينجو من الخلود في نار جهنم بما معه من أصل الإيمان.

وإن ضم المكلف إلى أصول الإيمان فعل الواجبات - واقتصر عليها دون المستحبات - وتَرَك المحرمات فهو من المقتصدين.

وإن ضم إلى الأصول والواجبات فعل المستحبات والمندوبات فهو من المحسنين والسابقين بالخيرات الذين يستحقون الدرجات العُلى، ويكون قد حصل حينئذ الإيمان الكامل.

وهذه الأقسام والدرجات الثلاثة هي التي وردت في قوله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} [1] .

فالسابق بالخيرات هو من قام بكل شعب الإيمان، ما يجب منها وما يُستحب، والمقتصد هو من حصل أصل الإيمان وواجباته دون مستحباته.

(1) سورة فاطر، الآية: 32.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام