فهرس الكتاب
الصفحة 378 من 393

وأما بالنسبة للمناطات المكفرة في مسألة الحكم والتشريع فهي متعددة، فإن الطاعة المطلقة لغير الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - مناط مكفر، وذلك لأن الله تعالى قد افترض على عباده طاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وجعل ذلك من أعظم العبادات، فمن أعطى شخصا ما أو جهة أو هيئة أو طائقة أو حزبا حق الطاعة المطلقة دون التقيد بالرجوع إلى دين الله تعالى فقد جعل هذا الغير - أيا كان - ربا وإلها مع الله تعالى، وصرف إليه أعظم ما يُصرف إلى الله تعالى من الطاعات.

وكذلك فإن عدم الرضا بحكم الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - مناط مكفر، وهذا الرضا إنما تكون حقيقته في القلب ويظهر أثره على الجوارح من انقياد وطاعة.

فمن لم يرض بحكم الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بقلبه أو صرح بذلك بلسانه أو أعرض عن حكم الله تعالى بعد أن دُعِي إليه أو سفّه حكما من أحكام الله تعالى الثابتة فقد كفر بالله العظيم، وإن أي رد ولو لحكم واحد من أحكام الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - عمل مكفر أيا كانت صورة هذا الرد.

وكذلك فإن ترك الحكم بما شرعه الله تعالى على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - في أي مجال كان مناط مكفر ولو لم يحكم بغيره، فإن مجرد الترك لحكم الله تعالى كفر وردة عن الدين.

وإن الحكم بغير ما أنزل الله تعالى في كتابه أو ما شرعه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - في القليل أو الكثير كفر مخرج من ملة الإسلام، سواء كان ذلك من قاض معيَّن أو من حَكَمٍ مختار أو ممن وُكِل له أمر الحكم وفصل الخصومات بين الناس، ومن هذا الباب تبديل أحكام الله تعالى والحكم بالشرائع المبدلة والفصل بها بين الناس، فهذا كفر مخرج من ملة الإسلام بإجماع العلماء.

وكذلك فإن تشريع الأحكام والشرائع من دون الله تعالى مناط مكفر ومخرج من ملة الإسلام، فأيما هيئة أو طائفة أو منظمة أو حزب أو حتى فرد واحد أعطى لنفسه أو لغيره حق تشريع الأحكام من دون الله تعالى فقد كفر بالله العظيم وبدينه القويم، فهذا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام