ينقسم الكفار من حيث القدرة عليهم إلى قسمين:
القسم الأول: مقدور عليه، بمعنى أن ولي الأمر يستطيع إحضاره إلى القضاء الشرعي ومحاكمته على جرائمه، وهذا القسم هو الذي قال فيه العلماء إنه يستتاب؛ فإن تاب وإلا قتل.
والقسم الثاني: ممتنع بقوة أو بشوكة أو بطائفة مسلحة، ولا يستطيع أحد الوصول إليه إلا بنصب الحرب والقتال، فهذا هو الممتنع الذي نتكلم عنه في هذه المسألة.
وسواء كان هذا الامتناع داخل دار الإسلام، كالخوارج والبغاة الذين يخرجون على الإمام العادل في دار الإسلام، أو خارجها بأن يلحق بدار الحرب، فالحكم في الحالتين هو امتناع عن القدرة.
وقد ذكر الماوردي رحمه الله التفريق بين المرتد المقدور عليه والمرتد الممتنع، وذلك في كلامه عن قتال أهل الردة.
فقال رحمه الله: فإذا كانوا - أي المرتدين - ممن وجب قتلهم بما ارتدوا عنه من دين الحق إلى غيره من الأديان، لم يخل حالهم من أحد أمرين:
الأول: إما أن يكونوا في دار الإسلام شذاذا وأفرادا لم يتحيزوا بدار يتميزون بها عن المسلمين فلا حاجة بنا إلى قتالهم لدخولهم تحت القدرة، ويكشف عن سبب ردتهم .... إلى قوله رحمه الله:
ومن أقام على ردته ولم يتب وجب قتله؛ رجلا كان أو امرأة.
والثاني: أن ينحازوا - أي المرتدين - إلى دار ينفردون بها عن المسلمين حتى يصيروا فيها ممتنعين، فيجب قتالهم على الردة بعد مناظرتهم، ويجري على قتالهم بعد الإعذار والإنذار حكم قتال أهل الحرب في قتالهم غرة وبياتا ... إلى آخر كلامه