فهرس الكتاب
الصفحة 344 من 393

تقدم بيان أن من والى الكفار وخرج معهم لقتال المسلمين فهو كافر؛ يعامل معاملة الكفار في القتال وغيره، وهذا حكم عام في كل فرد من أفراد الطائفة المحاربة للمسلمين ويستثنى من هذا الحكم العام من أخرجه الكفار معهم مكرها؛ فلا يكون كافرا على الحقيقة؛ ولا يعامل معاملة الكفار.

وأما بحسب الظاهر فإن عُلم حاله قبل القدرة عليه وأسره وألقى ما بيده من السلاح فهذا ليس بكافر في أحكام الدنيا أيضا.

وأما من لم يستطع المسلمون تمييز أمره قبل القتال - ولا يجب عليهم ذلك أصلا - فحكمه حكم أمثاله من أهل الحرب في أحكام الدنيا الظاهرة؛ ف'ن خرج مع أهل الكفر فحكمه حكمهم وإن ادعى أنه مسلم أو ادعى الإكراه لم يقبل منه في ظاهر الأمر.

وذلك لما رواه مسلم عن عمران بن حصين قال: أصاب المسلمون رجلا من بني عقيل فأتوا به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إني مسلم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (لو كنت قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح) [1] ، وكما سيأتي في حديث أسر العباس رضي الله عنه.

قال ابن تيمية رحمه الله في حكم المكره على القتال في صف الكفار: ومن أخرجوه - أي أهل الحرب - معهم مكرها فإنه يبعث على نيته؛ ونحن علينا أن نقاتل العسكر جميعه؛ إذ لا يتميز المكره من غيره.

وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (يغزو جيش الكعبة - وفي رواية هذا

(1) جزء من حديث طويل رواه مسلم عن عمران رضي الله عنه في كتاب النذر باب لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك العبد.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام