فهرس الكتاب
الصفحة 345 من 393

البيت - فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم، فقيل: يا رسول الله إن فيهم المكره، فقال - صلى الله عليه وسلم: يُبْعثون على نياتهم) والحديث مستفيض عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه متعددة أخرجه أرباب الصحيح عن عائشة وحفصة وأم سلمة رضي الله عنهن [1] .

ففي صحيح مسلم عن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (يعوذ عائذ بالبيت فيُبْعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خُسف بهم) ، فقلت: يا رسول الله فكيف بمن كان كارها؟ قال: (يُخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته) .

وذكر رحمه الله الحديث عن عائشة وفيه: فقلتُ: يا رسول الله: إن الطريق قد يجمع الناس، قال - صلى الله عليه وسلم: (نعم فيهم المستبصر والمجبون وابن السبيل فيهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله على نياتهم) .... إلى أن قال رحمه الله:

فالله تعالى أهلك الجيش الذي أراد أن ينتهك حرماته - المكره فيهم وغير المكره - مع قدرته على التمييز بينهم مع أنه يبعثهم على نياتهم.

فكيف يجب على المؤمنين أن يميزوا بين المكره وغيره وهم لا يعلمون ذلك؟ بل لو ادعى مُدِّع أنه خرج مكرها لم ينفعه ذلك بمجرد دعواه، كما روي أن العباس بن عبد المطلب قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسره المسلمون يوم بدر: يا رسول الله إني كنت مكرها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: (أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فإلى الله) [2] .

بل لو كان فيهم قوم صالحون من خيار الناس ولم يمكن قتالهم إلا بقتل هؤلاء لقتلوا أيضا.

فإن الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بمسلمين وخيف على المسلمين إذا لم

(1) أحاديث عائشة وأم سلمة وحفصة رضي الله عنهن رواها مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت، وروى البخاري حديث عائشة وأحمد حديث أم سلمة ورواه النسائي من حديث أبي هريرة.

(2) الحديث روى البخاري أصله في كتاب المغازي برقم: 4018، والرواية التي ذكرها ابن تيمية أخرجها ابن إسحاق من حديث ابن عباس، وذكرها الحافظ ابن حجر في شرح الحديث، ج 7/ 322، ورواه أحمد أيضا بسند صحيح مع اختلاف في الألفاظ عن علي رضي الله عنه، ورواه الحاكم بطوله في مستدركه وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام