فهرس الكتاب
الصفحة 234 من 393

سبق أن ذكرنا حكم قتل المرتد وأن ذلك جائز لآحاد المسلمين وخاصة في البلاد التي لا تُقام فيها الحدود الشرعية، وأن من قتل المرتد في غير دار الإسلام فإنه يجوز له أخذ ماله لأنه صار حربيا حكمه حكم أهل الحرب من حيث حل الدم والمال.

وأما في دار الإسلام فقد ذكر العلماء تفصيلا في حكم مال المرتد، ومحصل الكلام في هذه المسألة أنها على ثلاثة أقوال اختصرها الشيرازي رحمه الله حيث قال:

إذا ارتد وله مال ففيه ثلاثة أقوال:

أحدهم: أنه لا يزول ملكه عن ماله، وهو اختيار المُزني رحمه الله، لأنه لم يوجد أكثر من سبب مبيح للدم، وهذا لا يوجب زوال ملكه عن ماله، كما لو قتل أو زنى.

الثاني: أنه يزول ملكه عن ماله وهو الصحيح، لما روى طارق بن شهاب أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لوفد بُزاخة وغطفان: (نغنم ما أصبنا منكم ولا تغنمون ما أصبتم منا) ، ولأنه عصم بالإسلام دمه وماله ثم ملك المسلمون دمه بالردة فوجب أن يملكوا ماله.

الثالث: أنه مُراعي فإن أسلم حكمنا بأنه لم يزل ملكه، وإن قتل أو مات على الردة حكمنا بأنه زال ملكه لأن ماله معتبر بدمه، ثم استباحة دمه موقوفة على توبته فوجب أن يكون زوال ملكه عن المال موقوفا.

فإن قلنا إن ملكه قد زال بالردة صار المال فيئا للمسلمين وأخذ إلى بيت المال. اهـ [1]

قلت: ومذهب الأحناف موافق للوجه الثاني الذي يحكم بزوال ملك المرتد بمجرد الردة، ولم نذكر مذهبهم مستقلا خشية الإطالة.

(1) المجموع للنووي، ج 12/ 89.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام