ذكرنا في المسألة السابقة أنه يُحكم بالإسلام الظاهر لمن أتى بعلامة من علاماته أو قرينة من قرائنه.
وقد ثبت من أدلة القرآن والسنة أن ما يظهر على البدن والجوارح من أعمال وأقوال لابد وأن يكون له تعلق بما في القلب من أحوال، إن خيراً فخير وإن شرا فشر.
وهذه المسألة - أعني العلاقة بين الظاهر والباطن - قد أثبتها أهل السنة والجماعة وخالفهم فيها فرق المرجئة، وسبب هذا الخلاف راجع إلى الخلاف في تعريف الإيمان.
فقد قالت المرجئة ليس هناك تلازم بين العمل الظاهر وبين الباطن، وذلك لأن الإيمان عندهم هو التصديق أو التصديق مع الإقرار.
ومنهم من يقول لا تلازم بين إيمان القلب وأعمال الجوارح، ولكن أعمال الجوارح ثمرة من ثمرات الإيمان، والناس في أصل الإيمان سواء، ويثبت لجميعهم حكم الإيمان بالتصديق والإقرار، والقائلون بذلك من أصناف المرجئة هم مرجئة الفقهاء.
ومن المرجئة من قال: يجوز أن يكون الرجل مؤمنا بالله تعالى وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا يفعل شيئا من الأعمال الظاهرة البتة، لا صلاة ولا صيام ولا غيرها من واجبات الإسلام، والقائلون بذلك هم الجهمية.
وقد جرأت مثل هذه الأقوال أهل الباطل والفجور فانطلقوا في المعاصي غير خائفين من أثرها ومطمئنين أنها لا تؤثر في إيمانهم البتة، وذلك بناء على القول بعدم التلازم بين الظاهر والباطن، وهذا من شؤم مخالفة عقيدة وهدي السلف الصالح.
وقال أهل السنة والجماعة ومن يقول بقولهم: إن الله تعالى لم يجعل لأحد من خلقه سبيلا إلى معرفة ما في الباطن، ولكن الله سبحانه جعل على الباطن علامات من