المقدمة الثالثة:
عِظَم الكلام في مسائل الإيمان والكفر
إن من الأمور العظيمة والكبيرة في دين الله تعالى رمي المسلم بالكفر دون أن يستحقه، فإن دم المسلم وعرضه وماله حرام كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (كل المسلمِ على المسلمِ حرام، دمُهُ ومالُهُ وعرضُهُ) [1] .
وكما أنه يُحذرُ من عدم تكفير من يستحق التكفير كما سبق بيانه، فإنه يُحذر أيضاً وبدرجةٍ أكبر من تكفير المسلم الذي ثبت إسلامُهُ بيقين.
والإقدام على تكفير المسلم بغير مقتضى لذلك فيه كثير من المحاذير التي ينبغي على من أراد السلامة أن يحذرها، ومن هذه المحاذير:
القولٌ على الله بغير علم، وقد قال الله تبارك وتعالى {قل حرمَ ربي الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تُشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [2] .
وقال تعالى {ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كلُ أُولئك كان عنه مسئولا} [3] .
وكما أن في عدم تكفير الكافر نوعٌ من رد أحكام الله تعالى، وذلك من جهة مخالفة الله تعالى في حكمه، فكذلك فإن في تكفير المسلم نوعٌ من رد أحكام الله تعالى أيضا، فإن الله تعالى إذا حكم بإسلام قوم وحكم شخص بخلاف ذلك فقد ضاد الله في حكمه وعانده في شرعه.
(1) رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) الأعراف، الآية: 33.
(3) الإسراء، الآية: 36.