ومن المحاذير العظيمة أيضا في تكفير المسلم بغير بينة شرعية أن من كفره يتعرضُ لرجوع الكفر عليه - أو التكفير - إن لم يكن ذلك فيمن كفره من المكلفين.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (أيما امرئٍ قال لأخيه يا كافر فقد باءَ بها أحدهما) ، وفي الرواية الأخرى عنه (فإن كانت فيه وإلا حارت عليه) [1] .
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (لا يرمي رجلٌ رجلا بالفسوقِ ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك) [2] .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (سبابُ المسلمِ فسوق وقتالُهُ كفر) [3] .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله بعد أن نقل بعض الأقوال في تأويل هذا الحديث: وأرجح من الجميع أن من قال ذلك لمن يعرف منه الإسلام ولم يقم له شبهة في زعمه أنه كافر، فإنه يكفر بذلك.
فمعنى الحديث: فقد رجع عليه تكفيره، فالراجع التكفير لا الكفر، فكأنه كفَّر نفسه لكونه كفر من هو مثله، ومن لم يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام، ويؤيده - أي هذا التأويل - أن في بعض طرقه (وجب الكفر على أحدهما) .... اهـ [4] .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قالوا يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال - صلى الله عليه وسلم: (من سلم المسلمون من لسانه ويده) [5] .
(1) رواه البخاري ومسلم والترمذي بألفاظٍ مختلفة عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(2) رواه البخاري.
(3) رواه البخاري ومسلم وأحمد وابن ماجة والترمذي والنسائي.
(4) فتح الباري ج 10/ 479 كتاب الأدب باب ما ينهى عن السباب واللعن.
(5) رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأحمد وابن حبان عن أبي موسى وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم أجمعين.