قال المُزَني رحمه الله في مختصره: قال الشافعي رحمه الله تعالى: إذا أسلم القوم ثم ارتدوا عن الإسلام إلى أي كفر كان في دار الإسلام أو في دار الحرب وهم مقهورون أو قاهرون في موضعهم الذي ارتدوا فيه، فعلى المسلمين أن يبدءوا بجهادهم قبل جهاد أهل الحرب الذين لم يُسلموا قط، فإذا ظُفر بهم، استتابهم المسلمون فمن تاب حُقن دمه، ومن لم يتب قُتل بالردة سواء في ذلك الرجل أو المرأة.
وما أصاب أهل الردة من المسلمين في حال الردة، وبعد إظهار التوبة من قتال وهم ممتنعون، أو في غير قتال سواء، والحكم عليهم كالحكم على المسلمين، لا يختلف في القود والعقل، وضمان ما يصيبون. اهـ [1] .
قال الشيرازي رحمه الله: وإن ارتدت طائفة وامتنعت بمنعة وجب على الإمام قتالهم، لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قاتل المرتدين، ويتبع مدبرهم ويذفف على جريحهم، لأنه إذا وجب ذلك في قتال أهل الحرب فَلأَن يجب في قتال المرتدين وكفرهم أغلظ وأولى، وإن أُخذ منهم أسير استتيب فإن تاب وإلا قُتل لأنه لا يجوز إقراره على الكفر. اهـ [2] .
وقال ابن قدامة رحمه الله: ولو ارتد جماعة وامتنعوا في دارهم عن طاعة إمام المسلمين زالت عصمتهم في أنفسهم وأموالهم لأن الكفار الأصليين لا عصمة لهم في ديارهم فالمرتد أولى. اهـ [3] .
قلت: فهذا حكم الجماعة إذا ارتدت: القتل قولا واحدا ولا نعلم أحدا خالف في ذلك ممن يعتبر رأيهم من العلماء، سواء في القديم أو الحديث، إلا من استنزله
(1) مختصر المزني / 267.
(2) المجموع شرح المهذب للنووي ج 21/ 67.
(3) المغني والشرح الكبير ج 10/ 82.