قال ابن قدامة رحمه الله: لا يُقتل المرتد حتى يُستتاب ثلاثا، هذا قول أكثر أهل العلم، منهم عمر وعلي وعطاء والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي.
وُروي عن أحمد رواية أخرى أنه لا تجب الاستتابة، لكن تُستحب، وهذا القول الثاني للشافعي وهو قول عُبيد بن عمير وطاوس ويُروى عن الحسن لقوله - صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) ، ولم يذكر استتابة.
وُروي (أن معاذا رضي الله عنه لما قدم على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ألقى له وسادة، قال: انزل، فإذا رجل عنده موثوق، قال: ما هذا؟ قال كان يهوديا فأسلم ثم تهود، قال: اجلس، قال: لا أجلس حتى يُقتل قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات فأمر به فقتل) متفق عليه، ولم يذكر استتابة، ولأنه يُقتل لكفره فلا تجب استتابته كالأصلي، ولأنه لو قتل قبل الاستتابة لم يُضمن ولو حرم قتله قبلها ضمن كالأصلي.
ولنا حديث أم مروان، وروى مالك في الموطأ عن عبد الله بن عبد القاري عن أبيه أنه قدم على عمر رجل من قِبَل أبي موسى الأشعري، فقال له عمر: هل كان من مغربة خبر؟ قال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه، قال: ما فعلتم به؟ قال: قربناه فضربنا عنقه، فقال عمر: هلا حبستموه ثلاثا، فأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه لعله يتوب أو يراجع أمر الله، اللهم إني لم أحضر ولم آمر ولم أرض إذ بلغني، ولو لم تجب استتابتهم لما برئ من فعلهم. اهـ [1] .
قال الشيخ محمد نجيب المطيعي في تكملة المجموع: فهل الاستتابة مستحبة أم واجبة؟ فيه قولان، قال الشيخ أبو حامد: هما وجهان:
(1) المغني لابن قدامه، ج 8/ 124 ـ 125، ط دار الحديث.