المسألة الخامسة:
حكم أهل الكبائر
ذكر السلف من أهل السنة والجماعة في عقيدتهم أنهم لا يُكفرون مرتكب الكبيرة من أهل القبلة لو مات عليها غير تائب منها، مخالفين بذلك مذهب الخوارج والمعتزلة الذين يكفرون مرتكب الكبيرة، ويحكمون عليه بالخلود في نار جهنم وعدم الخروج منها، وإن اختلفوا في اسمه، فالخوارج سموه كافرا والمعتزلة سموه فاسقا.
والأدلة على صحة ما ذهب إليه أهل السنة في هذه المسألة كثيرة ومعلومة من نصوص الكتاب والسنة وقد سبق بعضها، ولوا خشية الإطالة لذكرناها هنا، وأنا أسوق نصوص أٌقوال أئمة السنة والسلف في ذلك.
فقد ذكر اللالكائي في عقيدة أحمد بن حنبل قوله رحمه الله: ومن مات من أهل القبلة موحدا يُصلى عليه ويُستغفر له، ولا تُترك الصلاة عليه لذنب أذنبه، صغيرا كان أو كبيرا وأمره إلى الله عز وجل. اهـ
وذكر في عقيدة علي بن المديني رحمه الله ومن نقل عنه ممن أدركه من جماعة من السلف قوله: ومن لقي الله بذنب يجب له بذنبه النار، تائبا منه غير مصر عليه؛ فإن الله يتوب عليه، ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
ومن لقي الله وقد أقيم عليه حدُّ ذلك الذنب فهو كفارة، كما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن لقيه مصرا غير تائب من الذنوب التي استوجبت بها العقوبة؛ فأمره إلى الله عز وجل، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، ومن لقيه مشركا عذبه ولم يغفر له. اهـ
وذكر في عقيدة أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي رحمه الله قوله مجيبا على من سأله: وسألتَ: يخلد في النار أحد من أهل التوحيد؟ والذي عندنا أن نقول: لا يخلد موحد في النار. اهـ
وذكر في عقيدة محمد بن إسماعيل البخاري في جماعة من السلف الذين يروى