عنهم: ولم يكونوا يكفرون أحدا من أهل القبلة بالذنب لقوله تعالى {إن الله لا يغفر إن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [1] . اهـ
وذكر في عقيدة أبي زُرعة عبد الله بن عبد الكريم وأبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الرازيَيْن وجماعة من السلف ممن ينقلان عنهم رحمهم الله أجمعين: وأهل الكبائر في مشيئة الله عز وجل، ولا نكفر أهل القبلة بذنوبهم، ونكل سرائرهم إلى الله عز وجل. اهـ
وذكر في عقيدة سهل بن عبد الله التَستُري رحمه الله: وقد سُئل: متى يعلم الرجل أنه على السنة والجماعة؟ فذكرأشياء منها: ولا يترك الصلاة على من يموت من أهل القبلة بالذنب. اهـ [2]
فهذه عقيدة طائفة من سلف الأمة الكرام والأئمة المهديين يتبين منها أنهم مجمعون على أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب، ولا يخلد في النار - وإن دخلها - أحد ممن مات على التوحيد.
وهذا مما يبين ضلال وزيغ من ذهب إلى تكفير أصحاب الذنوب والكبائر من أهل القبلة وبطلان قولهم، وأن هذا القول مخالف لعقيدة سلف الأمة، والذين يعتقدون ذلك هم من الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم على مذهبهم.
وقد ضل قوم آخرون أوّلوا كلام السلف في ذلك على غير وجهه وقالوا: إن أقوال السلف هذه تدل على أن أهل القبلة لا يكفرون وإن فعلوا ما فعلوا من الذنوب المكفرة أو غير المكفرة، واحتجوا في ذلك بإطلاق السلف لهذه العبارة.
وقد ورد والحمد لله في كلام العلماء أنفسهم ما يبين أن مقصودهم بذلك هو الرد على الخوارج الذين يكفرون المسلم بالمعصية، وليس المقصود بكلامهم هذا أنه لا
(1) سورة النساء، الآية: 48.
(2) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لأبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي، ج 1/ 151: 186.