بسم الله الرحمن الرحيم
لقد خلق الله تعالى الخلق على الفطرة السوية التي تقتضي إفراده تعالى بالربوبية والألوهية، وهذه الفطرة هي التي قال الله تعالى فيها {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} [1] .
وقد كان الناس على الفطرة السوية وعلى التوحيد الخالص عشرة قرون، حتى غيروا وبدلوا، قال تعالى {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} [2] .
قال ابن كثير رحمه الله: قال ابن عباس رضي الله عنه: كان بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على الإسلام، ثم وقع الاختلاف بين الناس، وعبدت الأصنام والأنداد والأوثان، فبعث الله الرسل بآياته وبيناته وحججه البالغة وبراهينه الدامغة [3] .
وقال ابن كثير: إن الناس كانوا على ملة آدم حتى عبدوا الأصنام فبعث الله إليهم نوحا عليه السلام فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. اهـ [4]
ومن المعلوم من دين الله تعالى أن دين الرسل جميعا واحد وإن اختلفت شرائعهم، قال تعالى {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [5] .
وقال تعالى {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} [6] ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم: (إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد، الأنبياء إخوة لعلات) [7] ، فدين الأنبياء واحد وان اختلفت
(1) سورة الروم، الآية: 30.
(2) سورة البقرة، الآية: 213.
(3) تفسير ابن كثير ت سلامة 4/ 257.
(4) تفسير ابن كثير ت سلامة 1/ 569.
(5) سورة النحل، الآية: 36.
(6) سورة المائدة، الآية: 48.
(7) جاء ذلك في أحاديث في الصحيحين: انظر: صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب (48) ، الحديث رقم (3442) ، (3443) ، (6/ 477، 478) من فتح الباري، وصحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب فضائل عيسى عليه السلام، الحديث رقم (2365) ، (4/ 1837) . والعلات: الضرائر، فأولاد العلات هم الذين أمهاتهم شتى وأبوهم واحد.