قال ابن قدامة رحمه الله في كتاب الجهاد بعد حديثه عن الأصناف التي يُنهى عن قتلها من النساء والشيوخ والزمنى والرهبان وأشباههم ممن لا يقاتلون في العادة:
ومن قاتل ممن ذكرنا جميعهم جاز قتله لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل يوم قريظة امرأة ألقت رحى على محمود بن سلمة [1] .
ومن كان من هؤلاء الرجال المذكورين ذا رأي يعين في الحرب جاز قتله، لأن دريد بن الصمة قتل يوم حنين وهو شيخ لا قتال فيه، وكانوا خرجوا يتيمنون به ويستعينون برأيه؛ فلم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قتله [2] ، ولأن الرأي من أعظم المعونة في الحرب. اهـ [3]
وقال ابن تيمية رحمه الله: وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمن ونحوهم فلا يقتل عند جمهور العلماء إلا أن يقاتل بقوله أو فعله. اهـ [4]
وقال ابن تيمية أيضا رحمه الله: ولا تُقتل نساؤهم إلا أن يقاتلن بقول أو عمل باتفاق
(1) الراجح أن الذي قتل يوم قريظة هو خلاد بن سويد بن ثعلبة بن الصامت الخزرجي، ولذلك قال ابن كثير رحمه الله: قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة قالت: لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة ... الحديث وفيه: أن عائشة قالت: قلت لها: ما لك؟ قالت: أقتل، قلت: ولم؟ قالت: لحدث أحدثته، قالت: فانطلق بها فضربت عنقها، قال ابن إسحاق: هي التي طرحت الرحى على خلاد بن سويد فقتلته، وقال ابن إسحاق: واستشهد من المسلمين يوم بني قريظة خلاد بن سويد بن ثعلبة الخزرجي؛ طرحت عليه رحى فشدخته شدخا شديدا (راجع البداية والنهاية، ج 4/ 126، وراجع زاد المعاد، ج 3/ 135 تحقيق الأرنؤط) .
(2) قال الحافظ ابن حجر: روى البزار بإسناد حسن: لما انهزم المشركون انحاز دريد بن الصمة في ستمائة نفس .. الحديث وفيه: فالتفت الزبير فرآهم فقال: علام هؤلاء ها هنا؟ فمضى إليهم وتبعه جماعة؛ فقتلوا منهم ثلاثمائة، فحز الزبير رأس دريد بن الصمة فجعله بين يديه. (فتح الباري، ج 8/ 42، كتاب المغازي شرح حديث رقم 4323) .
(3) المغني لابن قدامة، كتاب الجهاد ج 8/ 478. ط عالم الكتب.
(4) مجموع الفتاوى، ج 28/ 354.