فهرس الكتاب
الصفحة 263 من 393

قال القاضي عياض رحمه الله: فأما الذمي إذا صرح بسبه أو عرض أو استخف بقدره أو وصفه بغير الوجه الذي كفر به، فلا خلاف عندنا في قتله إن لم يسلم، لأنا لم نعطه الذمة والعهد على هذا.

وهو قول عامة العلماء إلا أبا حنيفة والثوري وأتباعهما من أهل الكوفة؛ فإنهم قالوا لا يقتل لأن ما هو عليه من الشرك أعظم، ولكن يؤدب ويعزر.

واستدل بعض شيوخنا على قتله بقوله تعالى {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون} [1] .

ويُستدل عليه أيضا بقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن الأشرف وأشباهه، ولأنا لم نعاهدهم ولم نعطهم الذمة على هذا، ولا يجوز لنا أن نفعل ذلك معهم فإذا أتوا ما لم يعطوا عليه العهد ولا الذمة فقد نقضوا ذمتهم وصاروا كفارا يقتلون بكفرهم.

وأيضا فإن ذمتهم لا تُسقط حدود الإسلام عنهم في القطع في سرقة أموالهم والقتل لمن قتلوه منهم، وإن كان ذلك حلالا عندهم، فكذلك سبهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - يقتلون به. اهـ [2]

قال القرطبي رحمه الله: أكثر العلماء على أن من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الذمة أو عرض أو استخف بقدره أو وصفه بغير الوجه الذي كفر به فإنه يقتل، فإنا لم نعطه الذمة أو العهد على هذا، إلا أبا حنيفة والثوري وأتباعهما من أهل الكوفة قالوا لا يقتل وما هو عليه من الشرك أعظم ولكن يؤدب ويعزر .... إلى أن قال رحمه الله:

وتغيظ أبو بكر على رجل من أصحابه فقال أبو برزة: ألا أضرب عنقه؟ فقال أبو بكر

(1) سورة التوبة، الآية: 12.

(2) شرح الشفا للقاضي عياض، ج 2/ 482: 483. وراجع / 486: 487.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام