وقال القرطبي رحمه الله: قوله تعالى {ومن يتولهم منكم} أي يعضدهم على المسلمين، {فإنه منهم} ، بيَّن تعالى أن حكمه كحكمهم؛ وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة .... إلى قوله رحمه الله:
{ومن يتولهم منكم فإنه منهم} شرط وجوابه: أي لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا؛ ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم ووجبت له النار كما وجبت لهم، فصار منهم أي من أصحابهم. اهـ [1]
قال سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله: نهى سبحانه وتعالى عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم، وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الأوثان؛ فهو منهم ... إلى قوله رحمه الله:
ولم يفرق تبارك وتعالى بين الخائف وغيره، بل أخبر تعالى أن الذين في قلوبهم مرض يفعلون ذلك خوف الدوائر؛ وهكذا حال هؤلاء المرتدين. اهـ [2]
قلت: وهذه الآية وما ورد فيها من كلام أهل العلم والتفسير يدلان دلالة واضحة على كفر وردة من والى الكفار ونصرهم على المؤمنين أو كان في قتال المسلمين.
وأبلغ من ذلك وأكبر من كان من جنود الكفار وعسكرهم الذين تتمثل مهمتهم في محاربة دين الله تعالى والصد عنه، وسُجل في دواوينهم وتسلم على محاربة المسلمين المرتبات والنياشين؛ وأبلى في ذلك أعظم البلاء وأنفق فيه الأعمار، فهذا كافر بالله العظيم وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم.
وما جر هؤلاء إلى موالاة أعداء الله تعالى وطاعتهم والكون معهم في حرب المسلمين وعداوتهم إلا أنهم كانوا فاسقين خارجين عن طاعة الله تعالى.
(1) تفسير القرطبي، ج 6/ 217.
(2) الرسالة الحادية عشرة من مجموعة التوحيد / 338.