فهرس الكتاب
الصفحة 295 من 393

يقوم بالقلب رضى بدين الكفار حتى يدخل في هذا الحكم ويكون كافرا، وأن من نصر الكافر على المسلم وقاتل المسلم معه لا يكفر إلا إذا كان راضيا بقلبه عن دينه، وليس ذلك صوابا.

بل الصحيح والله تعالى أعلم أن من والى الكفار وظاهَرهُم على المؤمنين دخل في هذا الحكم ودل ذلك على رضاه القلبي بدينهم وملتهم، وإن زعم بلسانه أنه مخالف لهم.

وذلك لأن لسان الحال مثل لسان المقال أو أعظم كما قال تعالى {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر} [1] .

وقال تعالى {وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين} [2] ، ومن المعلوم أن هذه الشهادة كانت بلسان الحال وليست بلسان المقال.

ولذلك قال جمال الدين القاسمي رحمه الله: قوله تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} أي من جملتهم وحكمه حكمهم، وإن زعم أنه مخالف لهم في الدين؛ فهو بدلالة الحال منهم لدلالتها على كمال الموافقة. اهـ [3]

وقال ابن تيمية رحمه الله: قال تعالى {ومن يتولهم منكم} فيوافقهم ويعينهم، {فإنه منهم} .

وقال أيضا في تفسير هذه الآية: والمفسرون متفقون على أنها نزلت بسبب قوم ممن كان يظهر الإسلام وفي قلبه مرض خاف أن يغلب أهل الإسلام فيوالي الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم للخوف الذي في قلوبهم لا لاعتقادهم أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كاذب وأن اليهود والنصارى صادقون. اهـ [4]

(1) سورة التوبة، الآية: 17.

(2) سورة الأنعام، الآية: 130.

(3) محاسن التأويل للقاسمي، ج 6/ 240.

(4) مجموع الفتاوى، ج 7/ 193: 194.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام