المسألة السابعة:
الاستثناء في الإيمان
ومن المسائل التي خالف فيها السلفُ الفرقَ الأخرى مسألة الاستثناء في الإيمان، وهو قول الرجل أنا مؤمن إن شاء الله تعالى.
فقد منع منه المرجئة مطلقا وقالوا: متى استثنى فقد شك، ومن شك في إيمانه لم يصح إيمانه، وقالوا بالجزم في الإيمان، وهو أن يقول الرجل أنا مؤمن حقا.
وأما مذهب السلف فهو الاستثناء في الإيمان احتياطا للعمل، وحذرا من سوء الخاتمة، وذلك أن للإيمان شعبا متعددة وكثيرة ولا يدري العبد هل أتى بها جميعا حتى يقول أنا مؤمن حقا، أم لم يأت بها كلها، وحينئذ فلا يستطيع الجزم بذلك.
وكذلك حذرا من تزكية النفس التي نهى الله تعالى عنها في قوله تعالى {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} [1] .
وكذلك فإن العبد لا يأمن مكر الله تعالى به، ولا يستطيع أن يجزم يقينا أنه يموت على الإيمان، وهذا الوجه الثالث هو عند بعض علماء المذاهب المتبعة.
ومرجع هذا الخلاف بين أهل السنة وغيرهم من الفرق، هو الخلاف في تعريف الإيمان، فالمرجئة لما قالوا الإيمان هو التصديق، أو التصديق مع الإقرار، لزمهم على ذلك أن يمنعوا من الاستثناء فيه، إذ الاستثناء على ذلك شك في الإيمان.
ولكن أهل السنة قالوا: الإيمان قول وعمل واعتقاد، وهو يتبعض ويتجزأ ويزيد وينقص، فصح على ذلك الاستثناء فيه على ما سبق من الاحتياط لعدم إكمال العمل، والحذر من سوء الخاتمة.
(1) سورة النجم، الآية: 32.