فهرس الكتاب
الصفحة 121 من 393

ولا يلزم من قال بالاستثناء أنه شك كما ادعت المرجئة، وكما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

وقد جوز بعض العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الأمرين - الاستثناء وتركه - اعتبارا لمعان ستأتي إن شاء الله تعالى أثناء كلامهم، وذلك دون أن يوافقوا المرجئة في مذهبهم.

وقد عقد أبو بكر الخلال في كتابه السنة بابا قال فيه: الرد على المرجئة في الاستثناء في الإيمان، قال رحمه الله:

أخبرني محمد بن الحسن ابن هارون قال: سألت أبا عبد الله عن الاستثناء في الإيمان فقال: نعم الاستثناء على غير معنى الشك مخافة واحتياطا للعمل، وقد استثنى ابن مسعود وغيره وهو مذهب السلف.

قال الله عز وجل {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} [1] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم: (إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله) [2] ، وقال في البقيع: (عليه نبعث إن شاء الله) .

وقال رحمه الله: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: سمعت أحمد يقول في التسليم على أهل القبور أنه قال: (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) [3] ، قال: هذا حجة في الاستثناء في الإيمان، لأنه لابد من لحوقهم ليس فيه شك، وقال الله عز وجل {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله} ، وهذه حجة أيضا لأنهم لابد داخلوه.

وقال: أخبرني حرب قال: سئل أحمد بن حنبل ما تقول في الاستثناء في الإيمان؟ قال: نحن نذهب إليه، قيل الرجل يقول: أنا مؤمن إن شاء الله؟ قال: نعم.

وساق بسنده إلى أبي عبد الله قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: ما أدركت أحدا من أصحابنا ولا بلغنا إلا على الاستثناء، وفي رواية أخرى قال القطان: ما

(1) سورة الفتح، الآية: 27.

(2) رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها، ولأحمد قريب منه.

(3) رواه مسلم عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام