أدركت أحدا من أصحابنا لا ابن عون ولا غيره إلا وهم يستثنون في الإيمان.
وساق بسنده إلى أبي عبد الله قال: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حين وقف على المقابر فقال: (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) وقد نعيت إليه نفسه أنه صائر إلى الموت، وفي قصة صاحب القبر: (عليه حييت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله) .
وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم: (إني اختبأت دعوتي وهي نائلة إن شاء الله من لا يشرك به شيئا) ، وفي مسألة الرجل الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدنا يصبح جنبا يصوم؟ فقال - صلى الله عليه وسلم: (إني لأفعل ذلك ثم أصوم) ، فقال: إنك لست مثلنا، إنك قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك؟ فقال - صلى الله عليه وسلم: (والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله) ، وهذا كثير وأشباهه على اليقين.
قال: ودخل عليه شيخ فسأله عن الإيمان؟ فقال: قول وعمل، فقال له: يزيد؟ فقال يزيد وينقص، فقال له: أقول مؤمن إن شاء الله؟ قال: نعم، فقال إنهم يقولون: إني شاك، فقال: بئس ما قالوا، ثم خرج، فقال ردوه، فقال: أليس يقولون الإيمان قول وعمل يزيد وينقص؟ قال نعم، قال: قل لهم: زعمتم أن الإيمان قول وعمل، فالقول قد أتيتم به والعمل فلم تأتوا به، فهذا الاستثناء لهذا العمل، فقيل له: فيستثنى في الإيمان؟ قال: نعم أقول أنا مؤمن إن شاء الله أستثني على اليقين لا على الشك، ثم قال: قال الله عز وجل {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} .
قلت: وهذا والله تعالى أعلم يشبه أن يكون ردا على من ينتسب إلى مذهب أهل السنة، ولكن قد يكون دخل عليه من قول المرجئة شيء، وذلك لأن المرجئة يخرجون العمل من مسمى الإيمان، وجمهورهم على أنه لا ينقص، وقد حدث هذا لبعض من يقول بقول السلف، كما سبق عن أبي ثور رحمه الله تعالى، والله تعالى أعلم.
وساق الخلال بسنده إلى أبي عبد الله، وقد قال له رجل: قيل لي أمؤمن أنت؟ قلت نعم، هل عليَّ في ذلك شيء؟ هل الناس إلا مؤمن وكافر، فغضب أحمد وقال: هذا