فهرس الكتاب
الصفحة 123 من 393

كلام الإرجاء، وقال الله عز وجل {وآخرون مرجون لأمر الله} [1] ، من هؤلاء، ثم قال أحمد: أليس الإيمان قول وعمل؟ قال الرجل: بلى، قال فجئنا بالقول؟ قال الرجل: نعم، قال: فجئنا بالعمل؟ قال: لا، قال: فكيف تعيب أن يقول إن شاء الله ويستثني؟

وروى بسنده إلى أبي عبد الله، قال: بلغنا عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: أول الإرجاء ترك الاستثناء إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى. اهـ [2]

قال الآجري رحمه الله: من صفة أهل الحق ممن ذكرنا من أهل العلم الاستثناء في الإيمان لا على وجه الشك نعوذ بالله من الشك، ولكن خوف التزكية لأنفسهم من الاستكمال للإيمان، لأنه لا يدري هو ممن يستحق حقيقة الإيمان أم لا.

وذلك أن أهل العلم من أهل الحق إذا سُئلوا أمؤمن أنت؟ قال: آمنت بالله وملائكته .... إلى آخر كلامه رحمه الله. اهـ [3]

قال ابن بطة رحمه الله: اعلموا رحمكم الله أن من شأن المؤمنين وصفاتهم وجود الإيمان فيهم، ودوام الإشفاق على إيمانهم وشدة الحذر على أديانهم، فقلوبهم وجلة خوف السلب، قد أحاط بهم الوجل لا يدرون ما الله صانع بهم في بقية أعمارهم، حذرين من التزكية، متبعين لما أمرهم به مولاهم حين يقول {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} ، خائفين من حلول مكر الله بهم في سوء الخاتمة إلى أن قال:

فأنت لا يجوز لك إن كنت ممن يؤمن بالله، وتعلم أن قلبك بيده يصرفه كيف يشاء، أن تقول قولا جازما حتما إني أصبح غدا مؤمنا، ولا تقول إني أصبح غدا كافرا، إلا أن تصل كلامك بالاستثناء، فتقول إن شاء الله إلى قوله رحمه الله:

والاستثناء أيضا يكون على اليقين، قال الله تعالى لتدخلن المسجد الحرام إن شاء

(1) سورة التوبة، الآية: 106.

(2) السنة لأبي بكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخلال / 593: 601.

(3) الشريعة للآجري/ 136.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام