فهرس الكتاب
الصفحة 124 من 393

الله، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم: (إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله) ، ومر - صلى الله عليه وسلم - بأهل القبور فقال: (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) ، وهو يعلم أنه ميت لا محالة، ولكن الله تعالى بذلك أدب أنبياءه وأولياءه أن لا يقولوا قولا أمَّلوه وخافوه وأحبوه أو كرهوه، إلا شرطوا مشيئة الله فيه.

قال إبراهيم خليل الرحمن {ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا} [1] ، وقال شعيب عليه السلام {وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا} [2] اهـ. [3]

قال النووي رحمه الله: واختلف العلماء من السلف وغيرهم في إطلاق الإنسان قوله أنا مؤمن.

فقالت طائفة: لا يقول أنا مؤمن مقتصرا عليه، بل يقول أنا مؤمن إن شاء الله، وحكى هذا المذهب بعض أصحابنا عن أكثر أصحابنا المتكلمين.

وذهب آخرون إلى جواز الإطلاق وأنه لا يقول إن شاء الله، وهذا هو المختار، وهو قول أهل التحقيق، وذهب الأوزاعي وغيره إلى جواز الأمرين، والكل صحيح باعتبارات مختلفة.

فمن أطلق نظر إلى الحال وأحكام الإيمان جارية عليه في الحال، ومن قال إن شاء الله، فقالوا فيه: إما للتبرك وإما لاعتبار العاقبة، وما قدر الله تعالى، فلا يدرى أيثبت على الإيمان أم يُصرف عنه، والقول بالتخيير حسن صحيح، نظرا إلى مأخذ القولين، ورفعا لحقيقة الخلاف. اهـ [4]

قلت: وما ورد في قول النووي رحمه الله: واختلف العلماء من السلف في إطلاق

(1) سورة الأنعام، الآية: 80.

(2) سورة الأعراف الآية: 89.

(3) الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية لابن بطة العكبري الحنبلي ج 2/ 862: 875، باختصار.

(4) شرح مسلم للنووي ج 1/ 265، ط دار القلم بيروت.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام