فهرس الكتاب
الصفحة 134 من 393

وأما الأدلة على صحة ذلك من الكتاب والسنة، فمنها:

قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة ... } [1] الآية.

وقد ورد في تفسير هذه الآية أن سرية للنبي - صلى الله عليه وسلم - لقيت رجلاً ومعه غُنيمات، فقال: السلام عليكم، لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقتله رجل من القوم، فلما رجعوا أخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: (لم قتلتَه وقد أسلم؟) فقال: إنما قالها متعوذا من القتل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: (هلا شققت عن قلبه) ، وحمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ديته إلى أهله ورد عليهم غنيماته [2] .

ففي هذا دلالة على صحة الحكم بالإسلام لمن سلَّم سلام المسلمين، أو نطق بالشهادتين، إذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أنكر على من قتل الرجل بعد أن سلَّم عليهم، بل وأبلغ من ذلك في الدلالة على أنه حكم له بالإسلام أنه حمل ديته إلى أهله، ورد عليهم ما كان معه من الغنم.

وقال - صلى الله عليه وسلم: (أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) [3] .

وفي هذا أيضا بيان لما يعصم الدم والمال، فقد جعل النبي النطق بالشهادتين عاصما للدم والمال - وإن كان الباطن بخلاف ذلك - فإن الله هو المتولى لحكم السرائر، وإنما الأحكام في الدنيا قائمة على الظاهر، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - (وحسابهم على الله) ، أي فالله تعالى يتولى حسابهم إن كانوا يُبطنون خلاف ما يُظهرون.

(1) سورة النساء، الآية: 94.

(2) رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح، والحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ورواه البخاري عن ابن عباس بألفاظ قريبة من هذا.

(3) متفق عليه وهو متواتر كما قال السيوطي رحمه الله.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام