وفي الباب الخاص بالكلام على مسائل الكفر والردة وبعض مظاهرها الواقعة في هذا الزمان.
* وأما الفريق الثاني فهم الذين يظنون أنه لا يُحكم لمن أتى ببعض هذه العلامات والقرائن بالإسلام إلا بعد تبين أمره والتأكد من صحة معتقده، فاشترطوا في اعتبار هذه العلامات والدلائل على الإسلام عمل القلب.
ومن هؤلاء من يحكم عليه بالكفر حتى يتبين، عملا بالأصل الفاسد الذي عنده وهو أن الناس جميعا كفار إلا من تأكد من أمره وثبت له إسلامه.
ومنهم من يتوقف في الحكم عليه بالإسلام أو الكفر، فلا يحكم له بأحدهما حتى يتبين، ومآل هؤلاء كلهم واحد في أنهم لم يحكموا له بالإسلام وإن اختلفوا فيه على ما سبق بيانه، وهذا الفصل معقود لبيان ما يصح أن يكون إسلاما في الظاهر من الأقوال والأفعال والأحوال وللرد على هؤلاء.
فإن من الثابت من أدلة الكتاب والسنة أن هناك أقوالا وأفعالا يُحكم لمن أتى بها بالإسلام، وذلك مثل الشهادتين والصلاة والحج الكامل والزكاة والآذان وسلام المسلمين والتكبير ووجود المسجد في قرية إلى غير ذلك مما تختص به شريعتنا من أقوال وأفعال، ويميزها عن باقي الملل والشرائع.
ويُحكم لمن أتى بشيء من ذلك بحكم الإسلام الظاهر، هذا وإن لم تكن معها غيرها من العلامات والقرائن، وكل ذلك إن لم يظهر ما يناقضها من الكفر والشرك الأكبر، فإن اقترن بظهور هذه القرائن والعلامات كفر أو شرك أكبر فإنها لا تكون معتبرة حينئذ.