فهرس الكتاب
الصفحة 375 من 393

وهؤلاء العلماء إنما يُفتون بهذه الفتاوى ويطلقون هذه الأحكام ولا يقصدون بها ما يستعملها أعداء الله تعالى فيها، ولو علم أصحاب الفتاوى ومن أطلق هذه الأحكام هذه الأهداف الخبيثة والحيل الماكرة ما أقدموا على إصدار هذه الفتاوى والأحكام، وهذا هو ظننا بهؤلاء المشايخ والعلماء والصالحين.

ومما يجب على المفتي أو العالم أو الحاكم أو القاضي معرفة الواقع فيما يفتي فيه، ومعرفة حيل أهل الفجور والضلال والفساد في استخراج الأحكام والفتاوى التي تسوغ أفعالهم، ومعرفة عُرْف الناس في استخدام الألفاظ.

فالواجب على العالم والمفتي والحاكم إذا عرضت عليه قضية أو سُئِل في حكم يتعلق بالواقع، أن يستقصي صفة هذا الواقع بالتفصيل قبل أن يُقْدِم على الحكم فيه، وهذا من مهمات الفتوى وشرط لتمكن الحاكم والمفتى من الإفتاء الصحيح.

ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم إلا بنوعين من الفهم.

أحدها: فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط بها علما.

والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الواقع ثم يطبق أحدهما على الآخر.

فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجرا، فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله. اهـ [1]

وقال رحمه الله: ذكر عبد الله بن بطة في كتابه في الخلع عن الإمام أحمد أنه قال: لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال:

أولها: أن تكون له نية، فإن لم يكن له نية لم يكن عليه نور ولا على كلامه نور.

والثانية: أن يكون له علم وحلم ووقار وسكينة.

والثالثة: أن يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفته.

(1) إعلام الموقعين عن رب العالمين ط العلمية 1/ 69.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام