فهرس الكتاب
الصفحة 310 من 393

بالإيمان، فلم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئن بالإيمان.

وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه؛ سواء فعله خوفا أو مداراة أو مشحَّة بوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله؛ أو فعله على وجه المزح؛ أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره، والآية تدل على هذا من وجهتين:

الأولى: قوله إلا من أكره؛ فلم يستثن الله إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لا يكره إلا على العمل أو الكلام؛ وأما عقيدة القلب فلا يكره أحد عليها.

والثانية: قوله تعالى {ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة} ، فصرح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل أو البغض للدين أو محبة الكفر؛ وإنما سببه أن له في ذلك حظا من حظوظ الدنيا فآثره على الدين؛ والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ [1]

قلت: فهل بعد هذا البيان من بيان في حكم من أظهر الموالاة للكفار والمرتدين أو خرج معهم لقتال المسلمين، ولكن {من يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا} .

هذا وقد أكثرت النقول عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله؛ لأنه وأتباعه رحمهم الله أجمعين من علماء الدعوة النجدية هم من أكثر من تكلموا في هذه المسألة؛ وقد ابتلوا بمثل ما ابتلينا به في زماننا هذا ممن يسارع في موالاة أعداء الله تعالى.

وقد وجدوا مع ذلك من يصف الموالين لأعداء الله بأنهم مسلمون من مشايخ الضلالة وعلماء السوء.

وإذا تأملت كلامه وما يأتي من كلام أتباعه لعلمت أن من كان مواليا للكفار والمرتدين فهو مثلهم وحكمه حكمهم.

ولا يختلف هذا الحكم فيمن يفعل ذلك لغرض دنيوي من تحصيل مرتب أو مكانة

(1) رسالة كشف الشبهات في التوحيد من كتاب مجموعة التوحيد / 125: 126، وراجع الرسائل النجدية / 46.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام