اهـ [1]
قلت: فهذه أقوال أهل العلم والفضل من لدن التابعين مبينة وشاهدة لصحة الحكم بالكفر على من أتى به سواء كان قولا أو فعلا من غير توقيف لذلك على عمل القلب أو اعتقاده أو قصد المكلف لما أتى به من الكفر.
ولذلك قلنا أنه يجب حمل ما ورد من كلام بعض العلماء مما يوهم معني مخالفا لما ذكرناه سابقا على أن المقصود به ما كان محتملا من الأقوال والأعمال للكفر وغيره؛ أو يكون ذلك صادرا عن خطأ غير مقصود وأن هذا يكون من جنس ما ورد في حديث الرجل الذي قال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، ولابد من هذا الجمع بين أقوال العلماء حتى لا تصطدم أقوالهم في المسألة الواحدة ونضرب بعضها ببعض.
ولا يظن ظان أن هذا الحكم قد قاله الناس في زمان غير زماننا ومناط غير مناطنا وأنه حكم قد عفى عليه الدهر، كما يقول ذلك من قل نصيبه من العلم.
فهذا حكم ثابت لا يتغير على مر الأزمان، وقد قال بهذا القول من المعاصرين الشيخ ابن عثيمين في فتاويه حيث قال:
وإن كان غير قاصد لعمل ما يُكفِّر لم يكفر بذلك؛ مثل أن يُكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان.
ومثل أن ينغلق فكره فلا يدري ما يقول لشدة فرح ونحوه؛ كقول صاحب البعير الذي أضلها ثم اضطجع تحت شجرة ينتظر الموت؛ فإذا بخطامها متعلق بالشجرة فأخذه وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك؛ أخطأ من شدة الفرح.
لكن من عمل شيئا مكفرا مازحا فإنه يكفر بذلك لأنه قصد ذلك كما نص عليه أهل العلم. اهـ [2]
(1) الدفاع عن أهل السنة والاتباع / 22: 23. ط دار القرآن الكريم.
(2) المجموع الثمين لفتاوى الشيخ ابن عثيمين، ج 3/ 16: 17.