فهرس الكتاب
الصفحة 186 من 393

يخرج من الملة. اهـ [1] .

قال القرطبي رحمه الله في بيان معنى الكفر: والكفر ضد الإيمان، وهو المراد في قوله تعالى {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} [2] .

وقد يكون بمعنى الجحود للنعمة والإحسان، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - للنساء: (تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار) ، قيل بِمَ يا رسول الله؟ قال: (يكفرن) قيل أيكفرن بالله؟ قال - صلى الله عليه وسلم: (يكفرن العشير ويكفرن الإحسان ) الحديث.

وأصل الكفر في كلام العرب: الستر والتغطية، ومنه سُمي الليل كافرا لأنه يغطي كل شيء بسواده، والكافر الزارع والجمع كفار، كما قال تعالى {كمثل غيث أعجب الكفار نباته} يعني الزراع، لأنهم يغطون الحب. اهـ [3] .

قال ابن تيمية رحمه الله في بيان معنى الكفر: الكفر هو عدم الإيمان بالله ورسله، سواء كان معه تكذيب أو لم يكن معه تكذيب، بل شك وريب أو إعراض عن هذا كله حسدا أو كبرا، أو اتباعا لبعض الأهواء الصارفة عن اتباع الرسالة.

وإن كان الكافر المكذب أعظم كفرا، وكذلك الجاحد المكذب حسدا مع استيقان صدق الرسل، والسُوَر المكية كلها خطاب مع هؤلاء. اهـ [4] .

قلت: وكلام ابن تيمية رحمه الله يبين أن الكفر هو عدم الإيمان بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - مطلقا، سواء كان ذلك الكفر ناتجا عن تكذيب أو جحود بالقلب أو كان بغير تكذيب ولا جحود ولا تعلق للقلب به أصلا.

فقد يكون الكفر من باب اتباع الأسلاف والآباء وتقديم هديهم ودينهم على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ودينه، وقد يكون هذا الكفر ناتجا عن تقليد للآباء والأجداد، وعلى الجملة

(1) راجع لسان العرب لابن منظور مادة كفر.

(2) سورة البقرة، الآية: 6.

(3) تفسير القرطبي ج 1/ 200 ــ 201، ط دار الحديث.

(4) مجموع الفتاوى ج 13/ 335.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام