فهرس الكتاب
الصفحة 139 من 393

قالوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله)، وهذا محمول عند الجماهير على قول الشهادتين، واستُغنِي بذكر أحدهما عن الأخرى لارتباطهما وشهرتهما والله أعلم.

أما إذا أقر بوجوب الصلاة أو الصوم أو غيرهما من أركان الإسلام وهو على خلاف ملته التي كان عليها، فهل يُجعل بذلك مسلما؟ فيه وجهان لأصحابنا، فمن جعله مسلما قال: كل ما يكفر المسلم بإنكاره يصير الكافر بالإقرار به مسلما.

أما إذا أقر بالشهادتين بالعجمية وهو يحسن العربية فهل يُجعل بذلك مسلما؟ فيه وجهان لأصحابنا، الصحيح منها أنه يصير مسلما لوجود الإقرار، وهذا الوجه هو الحق، ولا يظهر للآخر وجه. اهـ [1]

وقال علاء الدين الكاساني الحنفي رحمه الله: إن كان الفرد ممن ينكر الصانع أصلا أو ينكر توحيده فتقبل منه لا إله إلا الله ويُحكم بإسلامه، لأن هؤلاء يمتنعون عن الشهادة أصلا، فإذا أقروا بها كان ذلك دليل إيمانهم.

وإن كان ممن ينكر الرسالة أو ينكرون رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - فمتى قال لا إله إلا الله لا يُحكم بإسلامه، لأن منكر الرسالة لا يمتنع من هذه المقالة أصلا.

ولو قال أشهد أن محمدا رسول الله يُحكم بإسلامه لأنه يمتنع عن هذه الشهادة، فكان الإقرار بها دليل الإيمان.

ومن كان ينكر رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - فلا يُقبل منه الإسلام إلا بأن يتبرأ من الدين الذي عليه من اليهودية والنصرانية، لأن مِن هؤلاء من يقر برسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكنه يقول إنه بُعث إلى العرب خاصة دون غيرهم، فلا تكون الشهادتين بدون التبرؤ دليلا على الإيمان.

وكذلك لو قال آمنت أو أسلمت لا يُحكم بإسلامه، لأنهم يدعون أنهم مؤمنون

(1) شرح مسلم للنووي ج 1/ 149.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام