وإن صلى في دار الإسلام لم يُحكم بإسلامه، لأن الإنسان في دار الإسلام مطالب بإقامة الصلاة محمول على فعلها، فإذا فعلها الكافر هناك فالظاهر أنه فعلها تقية لا اعتقادا، فلم يُحكم بإسلامه.
وفي دار الكفر هو غير مطالب بإقامة الصلاة، فإذا فعلها فالظاهر أنه فعلها اعتقادا لا تقية، فحُكم بإسلامه. اهـ [1]
قلت: وأما ما ورد في قول الشافعي رحمه الله من التفريق بين اعتبار الصلاة قرينة في دار الكفر دون دار الإسلام غير صحيح، وسيأتي الرد عليه إن شاء الله تعالى في التعليق على قول ابن قدامة رحمه الله.
قال النووي رحمه الله: واتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين على أن المؤمن الذي يُحكم بأنه من أهل القبلة ولا يخلد في النار لا يكون إلا من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقادا جازما خاليا من الشكوك ونطق بالشهادتين.
فإن اقتصر على إحداهما لم يكن من أهل القبلة أصلا، إلا إذا عجز عن النطق لخلل في لسانه أو لعدم التمكن منه لمعالجة المنية أو لغير ذلك، فإنه يكون مؤمنا.
أما إذا أتى بالشهادتين فلا يُشترط معهما أن يقول وأنا برئ من كل دين يُخالف دين الإسلام، إلا إذا كان من الكفار الذين يعتقدون اختصاص رسالة نبينا - صلى الله عليه وسلم - إلى العرب، فإنه لا يُحكم بإسلامه إلا بأن يتبرأ، ومن أصحابنا أصحاب الشافعي رحمه الله من شرط أن يتبرأ مطلقا، وليس بشئ.
أما إذا اقتصر على قول لا إله إلا الله ولم يقل محمد رسول الله، فالمشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء أنه لا يكون مسلما ومن أصحابنا من قال: يكون مسلما ويُطالَب بالشهادة الأخرى، فإن أبى جُعل مرتدا.
ويُحتج لهذا القول بقوله - صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا
(1) المجموع شرح المهذب ج 21/ 68: 71.