ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كف عن المنافقين لِما أظهروا من الإسلام مع ما كانوا يبطنونه من خلافه، فوجب أن يُكف عن المعطل والزنديق لما يظهرونه من الإسلام [1] .
فإن كان المرتد ممن لا تأويل له في كفره، فأتى بالشهادتين حُكم بإسلامه لحديث أنس رضي الله عنه، فإن صلى في دار الحرب حُكم بإسلامه.
وإن صلى في دار الإسلام لم يُحكم بإسلامه، لأنه يُحتمل أن تكون صلاته في دار الإسلام للمراءاة و التقية، وفي دار الحرب لا يُحتمل فدل على إسلامه .... إلى أن قال:
وإن ارتد بجحود فرض أو استباحة محرم لم يصح إسلامه حتى يرجع عما اعتقده ويعيد الشهادتين، لأنه كذب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بما اعتقده في خبره فلا يصح إسلامه حتى يأتي بالشهادتين. اهـ
قال المطيعي رحمه الله في شرح قول الشيرازي السابق: إسلام الكافر الأصلي والمرتد سواء، ويُنظر فيه:
فإن كان ممن لا تأويل له مثل عبدة الأوثان فيكفيه من الإسلام أن يأتي بالشهادتين لقوله - صلى الله عليه وسلم - (فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) إلى قوله:
وإن ارتد بجحود فرض مجمع عليه كالصلاة والصيام، أو باستباحة محرم مجمع عليه كالخمر والخنزير والربا لم يُحكم بإسلامه حتى يأتي بالشهادتين ويُقر بوجوب ما جحد وتحريم ما استباحه.
قال الشافعي رحمه الله: وإن صلى الكافر الأصلي في دار الحرب حُكم بإسلامه
(1) هذا الإطلاق لا يصح إلا عند من قال إن الزنديق هو المنافق، فأما من قال إن الزنديق هو الذي يتكرر منه الكفر مرات ويتعدد أو هو الذي يكفر مرة بعد مرة وفي كل مرة لا تقوم عليه حجة أو بينة كاملة توجب قتله، فقد قال بعضهم إنه يقتل بلا استتابة، بل لا تقبل توبته وإن تاب.