وفي السُنةِ النبويةِ تأكيدٌ على حُرمةِ الغناء ففي صحيحِ البخاري عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ليكُوننَّ من أمتي قومٌ يستحلونَ الحِرَ والحريرِ والخمرِ والمعازف) ، وتأملوا كيفَ جُمعَ تحريمُ الغناءِ والمعازفِ مع تحريمِ الفروج، والحريرِ والخمر؟ وما فتئَ علماءُ الأمةِ الربانيون يُحذِرُونَ من فتنةِ وعبوديةِ الشهوات يقولُ الشافعي - رحمه الله:"من لزمَ الشهواتِ لزمتهُ عبوديةُ أبناءِ الدنيا" (سير أعلام النبلاء 10/97) ، ويقولُ ابنُ تيميةَ - رحمهُ الله:"والعشقُ والشهواتُ إنَّما يُبتلى به أهلُ الإعراضِ عن الإخلاصِ لله، الذين فِيهم نوعٌ من الشركِ، وإلاَّ فأهلُ الإخلاصِ كما قال - تعالى- في حقِّ يوسفَ - عليه السلام: (( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلصِينَ ) ) (سورة يوسف:24) (الفتاوى 15/421) ."
وأخيراً أحذر أخي المسلم، أختي المسلمة أن نكونَ ممن قالَ اللهُ فيهم: (( فَخَلفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلقَوْنَ غَيًّا ) ) (سورة مريم:59) .
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى سمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبى المجتبى، وآله وصحبه وعلى مَنْ على منهاجهم اقتفى, وبعد:
فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.
عباد الله: كلامنا عن السياحة والسفر والاصطياف لا يعني أن يكون المسلم نشازاً مع أهله، لا يرفههم ولا يدخل السعادة على قلوبهم!! هناك مجال للترفيه والراحة والتنزه ولكن بالسبل المباحة المأمونة التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، هناك بدائل شرعية وبدائل مباحة ومن هذه البدائل:
-الذهاب للعمرة إلى بيت الله الحرام، أو زيارة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال - صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجدَ الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضلُ من مئة ألف صلاة فيما سواه) رواه أحمد وابن ماجة وصححه الألباني.
-وكذلك السفر في بر الوالدين، وصلة الأرحام، وزيارة العلماء والصالحين في الله - تعالى-، وإجابة دعوات الأفراح والمناسبات التي ليس فيها منكرات قال - صلى الله عليه وسلم: (من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم) .
-وكذلك السفر لأجل الدعوة إلى الله قال - تعالى-: (( ومن أحسن قولاً ممن دعا على الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ) )، وقال - صلى الله عليه وسلم: (فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم ) )