فهرس الكتاب
الصفحة 459 من 477

هل السياحة لن تنجح إلا بالملاهي ودور السينما ؟!

يراهن الكثير على عدم القدرة على صناعة السياحة الداخلية في البلاد الإسلامية، وفق ضوابط شرعية تأخذ بمبدأ اللهو المباح المقرر في الشرع والمحاط بسياج الثقافة الإسلامية التي تحافظ على الهوية الإسلامية، والتي تمنع من الانزلاق وراء بريق اللهو المفضي إلى نزع القيم والحشمة والعفاف، وجعل السياحة تتأرجح بين أمرين لا ثالث لها إما سياحة مفتوحة تمارس فيها الأسرة جميع وسائل اللهو دون قيد أو ضابط أو عدم وجود تلك السياحة الناجحة مطلقاً.

هذا الفهم المغلوط عن السياحة ناتج في اعتقادي عن ضعف في التركيبة الذهنية لدى من يمارسه وضعف في إدراك آلية صناعة السياحة على مستوى العالم العربي والإسلامي، وفق عاداته وثقافته الإسلامية. إننا نرى في بعض البلاد الإسلامية سياحة ولكنها على طراز يحاكي البلاد الغربية حتى يخيل إليك عند زيارتها أنها غير إسلامية لعدم وجود أي مظهر من المظاهر الإسلامية فيها!!

فهذه البلاد ركزت على نقل عادات البلاد الأجنبية وجميع شؤونها وحتى بعض طقوسها الدينية لجذب السياح وأهملت عاداتها وتقاليدها الإسلامية!! فهل السياحة في البلاد الإسلامية تفتقر إلى إبراز هويتها وثقافتها ومزجها في إطار ترفيه يناسب الصغير والكبير والرجل والمرأة والفرد والأسرة ؟!

إن وجود تقاطعات في المصالح لا سيما الاقتصادية منها وزيادة الدخل الاقتصادي السياحي يشكل عبئاً واختلافاً في الآراء بين المثقفين المحافظين ومنظّري السياحة الذين ينظرون من زاوية اقتصادية واحدة. وبهذا الاختلاف برزت مجموعة من الدول واشتهرت في الترويج للسياحة عبر وسائل غير مباحة، استقطاباً للسائحين فالغاية لديهم تبرر الوسيلة!! وأمام هذا التوجه تعالت أصوات تنادي بالسياحة الداخلية حفاظاً على الشباب من الوقوع في شراك الرذيلة ومصائدها، ولكن وأمام هذا العالم الفسيح والبضاعة المزجاة والثقافات المتنوعة ووسائل الإعلام المؤثرة هل نستطيع صناعة آلية سياحية تلبي حاجات المواطنين وتستقطب السائحين من البلاد الأخرى؟ في وقت مضى كان الاعتقاد سائداً أن الأجواء الباردة شرط أساس للسياحة ولكن في وقتنا الحاضر استطاعت كثير من الدول التي عرفت بأجوائها الحارة أن تستقطب الأعداد الكبيرة من السائحين بأساليب حديثة مبتكرة فأنشأت مدناً ترفيهية تحتوي على جميع الوسائل والمعارض والأسواق والمخترعات ومجهزة بالفنادق وأماكن الراحة والاستجمام، كل ذلك أدى إلى استقطاب أعداد كبيرة من السياح في مختلف أنحاء العالم.

ومن اللافت للنظر أن فئات من الناس انطبع في أذهانهم أنه لا توجد سياحة إلا بالملاهي الليلية ودور السينما التي تعرض المجون، واخذوا يراهنون على عدم نجاح السياحة الخالية من تلك الأماكن وهؤلاء هم من راهن في زمن مضى على عدم نجاح البنوك الإسلامية الخالية من الربا والتي أثبتت نجاحها في تقديم صورة مشرقة للعالم عن الاقتصاد الإسلامي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام