فهرس الكتاب
الصفحة 331 من 477

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، القوي الجبار ، شديد العقاب ، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار ، رب الأرباب ، ومسبب الأسباب ، وقاهر الصلاب ، وخالق خلقه من تراب ، قاصم الجبابرة ، وقاهر الفراعنة ، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعباد ، ليبين لهم الحلال والحرام ، وليحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه . . . أما بعد:

قلا شك أن الله تعالى خلق الخلق لعبادته سبحانه ، ولا يمكن ذلك إلا باتباع أوامره تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم ، واجتناب النواهي ، والبعد عن المحرمات ، والحذر من الكبائر ، فكل ذلك من السبل الموصلة إلى رضوان الله عز وجل ومن ثم يقر العبد بمغفرة ربه له ورحمته إياه ، ثم ينال بعد ذلك ما كان يصبو إليه العبد من دخول الجنة والنجاة من النار ، فمن أراد الجنة والفوز بها فطريقها واضح معلوم ، وكذلك النار والنجاة منها أيضاً واصح معلوم ، لا يغفل عنهما إلا حيوان لا عقل له أو من تشبه به من بني البشر ، فالله تعالى بحكمته البالغة ، وعلمه الذي وسع كل شيء بين للناس طريقي الخير والشر ، فقال تعالى: { إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً } ( الإنسان 3 ) ، وقال عز وجل: { إنا هديناه النجدين } ( البلد ) ، فيجب على العبد وجوباً أن يحكم عقله ويعمل رأيه في ذلك لاختيار الطريق الذي يوصله إلى مرضاة ربه وبالتالي إلى جنة عرضها السموات والأرض . ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الأمر بكلام واضح لا يحتاج معه المرء إلى تفسير أو توضيح وذلك في بيان طريقي الخير والشر وأن الجنة والنار قد حفت كل منهما بما يناسبها وبما يدعو العبد للعمل به ليدخل الجنة وبما يحذر منه فيجتنب النار فقال عليه الصلاة والسلام: [ حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات ] ( انظر صحيح الجامع 3147 ) ، فمن هذا المنطلق وجب على العبد أن يسعى في هذه الدنيا جاهداً كادحاً لإرضاء ربه ونبذ ما سواه من الشهوات والكبائر ، فاتباع الهوى سبب لوقوع العبد في المعصية وقد يزين له الشيطان هذه المعصية فيألفها العبد فيتخبط في المعاصي ويرتكب الكبائر غير مراع لما قد يحصل له من سوء الخاتمة عند إصراره على المعصية ، قال تعالى: { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً } ( مريم 59 ) . قال ابن حجر الهيتمي: [ اعلم أن جماعة من الأئمة أنكروا أن في الذنوب صغيرة ، وقالوا بل سائر المعاصي كبائر . . . وإنما يقال لبعضها: صغيرة وكبيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها ، وقال جمهور العلماء: أ، المعاصي تنقسم إلى صغائر وكبائر ، ولا خلاف بين الفريقين في المعنى ، وإنما الأولون فروا من هذه التسمية وكرهوا تسمية معصية الله صغيرة ] انتهى .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام