موسى محمد هجاد الزهراني
ومن قال إن السياحة ليست سباحة في عالمٍ من التفسخ والانحلال! في القرن العشرين؟!. و إلا فكيف نفسر وجود بلدان عربية تدعي على استحياء أنها مسلمة ثم تجد فيها كل كلمة في قاموس الانحلال الخلقي علناً في شوارعها وفي مطاراتها وفنادقها ويا حسرتاه على فنادقها.
ساقتني الأقدار، وجرتني قدماي؛ إلى رحلة خارج البلاد؛ تستغرق أربعة أيام؛ مع رفيق لي قريب؛ لأمور عدة؛ ولغرضٍ لا يوجد بكثرة في بلادنا إلا بإسعارٍ كنار جهنم أو صيفِ تهامة في رابعة النهار في أحسن الأحول. وكان خط سير الرحلة يقتضي المرور على البحرين ثم إلى مطار دبي ثم الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وصلنا إلى (مملكة) البحرين! قرابة الخامسة مغرب الشمس؛ وعندما لامست أقدام سيارتنا أرض البحرين، صُعِقْتُ عند ما رأيت نساءً كاسيات عاريات؛ ناثرات الشعر على أكتافهم وهن يزاحمن الرجال حول إشارات المرور بسياراتهن الفارهة، وفتحتُ فمي مدهوشاً مشدوهاً لمِا رأيت..
كنا ثلاثة.. أنا المغلوب على أمره؛ وصاحبي رفيقُ الرحلة ودليلها؛ وصاحبٌ آخر سيوصلنا إلى مطار البحرين ثم يعود..
أما صاحباي فقد عجبا من تعجبي واستنكرا استنكاري؛ ولم يريا في الأمر كبير ضير لأنهما يسافران كثيراً فأصبحت تلك المناظر معتادةً لديهما! ومن حسن الحظ أيضاً أننا لأبد وأن نَمُرَّ على مكتب سفريات لأخذ تذاكر السفر! ففجأة مرة أخرى وإذا بي أقف أمام امرأة كاشفة الوجه تجلس على المكتب كادت تبتسم لولا أن صرفت وجهي عنها فتطوع صاحبي بالتفاهم معها وكأنه يقول لها:
معذرة فإن صاحبي هذا متخلف!!..
فما كدت أستفيق من هول الصدمة حتى رأيت في المطار (مطار البحرين) ما نسيت معه آلامي الأُوَل.. لقد رأيت-وكان لابد أن أرى كلما رفعت رأسي نساءً يبدو أنهن يخجلن من أن يُرى لباسهن أسفل من ركبهن حتى يكون في منتصف الفخذ والعياذ بالله يخشين أن يوصمن بالرجعية والتخلف في زمن التقدم إنْ هُنَّ سترن أجسادهن كما تفعل النساء المسلمات العفيفات!.
جفّ ريقي في حلقي وتلفّتُ حولي كي أرى معيناً لي على الإنكار بقلبه على الأقل؛ فلم أر أحداً! فالرجال يمرون بالنساء وكأنهم يمروّن بتماثيل؛ وليس بنساءٍ عاريات الأبدان يحركن شهوة الموتى!.
ولازال حُسنُ الحظ يُلقي بظلاله على هذه الرحلة المباركة! ؛ فقد أغلقت شركات الطيران أبوابها في وجوهنا؛ فترانا نتملق الموظفين وبعض الموظفات! يا حسرة؛ حتى استطعنا بعد جهود مضنية أشبه ما تكون بجهود الدول العربية لمنع الحرب على العراق من قبل أمريكا وبريطانيا؛ استطعنا أن نجد مقعدين متباعدين على متن طائرة تابعة لشركة طيران الخليج؛ حمدنا الله على ذلك.. وكان هذا يوم الثلاثاء 13/صفر/1424هـ.